..تماماً كما تشعر عندما تتخيل أنك تسير في غابة موحشة وحيداً..مفزعة..كما يكون صوت البوم ينعق في جوف الليل حين يغيب القمر خلف الغيوم الرمادية..
هل حقاً نسيت كيف أكتب؟!.أم أنني تعلمت وسيلة أخرى لسكب الآلام وبث الهموم والأحزان؟..أم تراني أيقنت أخيراً أن الكلمات لم تعد ذات معنى كما كانت ..باردة ،باهتة، لا لون لها..لا أدري ؟..لكني أؤكد أن الفكرة بحد ذاتها تسبب لي الكثير من الفزع..كأن مخزون الحيرة والألم في داخلي قد نفد..رغم أنه وفي الحقيقة في تزايد مستمر!!..وإذا كان الفراغ قد أنساني كيف اكتب وأخرج مكنونات نفسي وكيف أفكر بذات الطريقة كما كنت أبداً أفعل، فكيف إذاً ستسمر الحياة؟..فقط علمني كيف أذرف الدموع كل ليلة..كيف أدمن البكاء بصمت..بل وأعشقه أيضا!!..
الأرض تميد تحت قدمي..إنني أغوص..و أغوص..في حفرة صنعتها بنفسي ، ومازلت أستمتع بحفرها مع كل كلمة أقرؤها وكل عالم جديد أذهب إليه مع كل حكاية ..كأن مؤلفي هذه الروايات يتعمدون إغراقنا في بحور من وهم..ثم أدرك كم غرقت..وأحاول التشبث ربما بوهم آخر كي يعيدني إلى عالم أحاول إقناع نفسي أنه الواقع الحقيقي..وانه ما يجب أن أتعلم كيف أعيش فيه و أحبه كما هو على علّاته ومصائبه التي لا تنتهي..أحياناً يخيّل إلي أن العيش بهذه الطريقة مريح جداً وقد يجعل المرء سعيداً جداً..لكني طالما لم أفلح في القيام بالأمور التي يجيد الآخرون القيام بها وأنها ربما لا تليق بي.
أنا هنا..أقف منذ زمن لا أدري مدته؟!!..هنا على الطريق العام ..الطريق العام للحياة..وكل شيء حولي يسير..يسير بسرعة جنونية ..عداي أنا..أمشي وربما أحبو بل واعتقد أنني أقف في مكاني كنصب تذكاري في هذا المكان..لا أجد إلا أن كل الأشياء والأحداث تمر بي وتخترقني..كأنني شبح يمرون من خلاله دون أن يروه..أو أنهم مجرد وهم اختلقه خيالي المريض الواسع ..لا يؤثر وجودهم من عدمه. لا أدري بالضبط!!.حتى عندما أحاول أن أخطو خطوة واحدة تعطيني - رغم صغرها- الكثير من الطاقة والدفع نحو الأمام..لكني أشعر بأني مقيدة لا أقوى على الحراك..واستمرار الحياة بهذه الطريقة لا يطاق - لو كنتم لاحظتم هذا -..ولا أعرف وسيلة نقل تأخذني حيث النهاية التي لست متأكدة ما إذا كانت موجودة أصلاً..طريق طويل لا أرى له معالم أتقيد بها..ترى هل علي أن أسير وأحارب لأصل، أم أترك الأمور تسير لمقاديرها؟؟..وأنا أولاً وأخيراً وبعد كل هذا الهراء لا أملك أن أفعل شيئاً إلا الدعاء ..والمناجاة مع كل شهيق وزفير لكل خلية من خلاياي الثائرة..علّ الله يعينني على الخروج من هذه الحياة واجتياز الطريق بسلام.
تحياتي
بنت القمر